توفي ، الأديب والباحث الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان، عن عمر ناهز التسعين عامًا، بعد مسيرة طويلة امتدت لعقود في البحث والتأليف وجمع المصادر التراثية، والعمل على توثيق جوانب من الذاكرة الثقافية في المملكة.
وقد أُديت الصلاة على الفقيد في جامع المهيني، قبل أن يُوارى الثرى، مختتمًا حياة ارتبطت بالكتاب والبحث وجمع الروايات والمصادر، لا سيما في مجالات الأدب الشعبي والتاريخ الثقافي المحلي.
وعبّرت شخصيات رسمية وثقافية عن تعازيها في رحيل الحمدان، حيث قالمعالي الأستاذ بدر العساكر مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد وعضو مجلس إدارة مؤسسة محمد بن سلمان – مسك، :
“رحم الله الأديب الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان وغفر له، عُرف بشغفه وحبه للعلم والمعرفة، وقدم للأدب والثقافة نتاجًا مميزًا عبر تأليفه لعدد من الكتب المهمة. خالص العزاء لأهله وذويه، وإنا لله وإنا إليه راجعون”
من جهته، استذكر الكاتب حمد القاضي شغف الراحل بالتراث والماضي القريب، مشيرًا إلى اهتمامه بالكتب القديمة والصحف المتوقفة وأدوات العيش التقليدية، مؤكدًا أن «مكتبة قيس» التي أسسها كانت مقصدًا للباحثين والمهتمين، إلى جانب نشاطه في الكتابة الصحفية وتأليفه لعدد من الكتب، من أبرزها «صبا نجد».
النشأة والتعليم
وُلد الحمدان عام 1938م في بلدة البير، ونشأ يتيم الأبوين في كنف جده الذي كان إمامًا ومعلمًا، حيث تلقى تعليمه الأولي في بيئة دينية وتعليمية أسهمت في تنمية اهتمامه المبكر بالقراءة والمعرفة.
وبدأ تعليمه النظامي في مدرسة تمير، ثم واصل دراسته في معهد إمام الدعوة، وكلية الشريعة في الرياض، جامعًا بين الدراسة الشرعية والاهتمام بالأدب والتاريخ والرواية الشفوية.
المسيرة الوظيفية
عمل الحمدان في عدد من الجهات الحكومية، من بينها الديوان الملكي ووزارة العمل، ثم إمارة منطقة الرياض، حيث شغل منصب مستشار ثقافي لسنوات، ورافق عمله الوظيفي نشاط ثقافي مستمر في البحث وجمع المصادر.
مكتبة “قيس”
في عام 1400هـ، تقاعد الحمدان مبكرًا ليتفرغ لجمع الكتب والصحف والمجلات القديمة، وأسّس «مكتبة قيس» التي ضمّت كتبًا مستعملة ونوادر دوريات ومخطوطات، وأصبحت مقصدًا للباحثين وطلاب الدراسات العليا.
واستفادت مؤسسات أكاديمية من مقتنيات المكتبة في معارض ودراسات تاريخية، خاصة ما يتصل بتاريخ الدولة السعودية وبدايات الصحافة المحلية، كما عُرف الراحل بإتاحة مصادره للباحثين وتعاونه في تصوير المراجع النادرة دون مقابل.
التأليف وتوثيق الأدب الشعبي
اشتغل الفقيد على توثيق الشعر الشعبي في نجد، وحرص على ضبط الروايات وتعدد مصادرها، وأصدر عددًا من الكتب التي أصبحت مراجع في هذا المجال، من أبرزها:
«ديوان السامري والهجيني»، و*«ديوان حميدان الشويعر»، و«صبا نجد»*.
كما كتب في الشأن الوطني والاجتماعي، من بينها كتاب «من أجل بلادي»، متناولًا فيه قضايا الهوية والانتماء والتحولات الاجتماعية.




