الثقافية – متابعة
ينعقد ملتقى “تاريخ الحج والحرمين الشريفين” الذي تنظمه دارة الملك عبدالعزيز في جدة بالتعاون مع وزارة الحج والعمرة وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن خلال الفترة من 10 إلى 12 نوفمبر 2025م، بوصفه منبرًا علميًا وثقافيًا يعيد اكتشاف مسيرة الحج في أبعادها الإنسانية والمعرفية، ويستقرئ عبر جلساته العلمية التحولات التي صنعت من هذه الشعيرة منظومةً حضارية متكاملة تجمع بين القداسة والعمران، والروح والمعرفة، والزمان والمكان.
يناقش الباحثون على مدار ثلاثة أيام في الملتقى روايات المؤرخين والرحّالة الذين وثّقوا رحلة الحج في نصوصهم ومدوناتهم، حيث تتجلى الذاكرة في سطورهم كوثيقة إنسانية حيّة تحفظ تفاصيل التجربة في أطيافها الروحية والاجتماعية والتنظيمية، وتُبرز كيف تحوّل الحج من أداءٍ للشعيرة إلى إبهارٌ في الإدارة والتنظيم والتواصل بين الشعوب.
يتناول المشاركون التحولات المعمارية والفنية للحرمين الشريفين بوصفها سجلًّا بصريًا للإيمان والجمال، تتداخل فيه الطرز والزخارف والخطوط الإسلامية في تناغمٍ يعبّر عن هوية المكان وقدسيته، بينما تمنح الخرائط والمخطوطات التاريخية بعدًا بصريًا لذاكرةٍ ظلّت تُرسم بحبرِ الدهشة والإيمان منذ قرون.
وفي البعد الثقافي، تتقاطع انعكاسات الحج في الأدب والتصوير الفوتوغرافي والذاكرة الشعبية كمرآةٍ لتجربةٍ روحيةٍ تسكن وجدان المسلمين، وتغذّي خيال المبدعين عبر أجيالٍ متعاقبةٍ من الشعراء والروائيين والفنانين، بينما ينفتح النقاش على دور التقنية الحديثة في إعادة تشكيل التوثيق التاريخي، عبر الذكاء الاصطناعي والوسائط الرقمية والواقع المعزز، لتتحول ذاكرة التاريخ إلى مشهدٍ تفاعليٍ يُعيد للحج حيويته عبر العصور.
ويأتي تنظيم هذا الملتقى ضمن مشروع “تاريخ الحج والحرمين الشريفين” الذي تشرف عليه دارة الملك عبدالعزيز، أحد أبرز المشاريع الوطنية المعنية بتوثيق مسيرة الحج وتاريخ الحرمين الشريفين عبر العصور، تأكيدًا لرسالة المملكة في تحويل المعرفة التاريخية إلى وعيٍ حضاريٍّ معاصر يُنير الحاضر برؤيةٍ من الماضي، ويجعل من التراث جسرًا نحو المستقبل.




