جدة – المحرر الثقافي
في أجواء احتفالية زاخرة بالحضور، نظّم قسم اللغات الحديثة وآدابها بجامعة الملك عبدالعزيز معرضًا نوعيًا مميزًا بمناسبة اليوم الدولي للترجمة، واحتفاءً بالمبادرة الثقافية التي أطلقتها وزارة الثقافة تحت شعار “عام الحرف اليدوية”، وجاء المعرض بعنوان:
“الحرف اليدوية السعودية: أصالة تُروى عبر اللغات”
وتنوّع محتوى المعرض بأربع لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية والصينية، ليُقدّم لوحة ثقافية عالمية تُبرز أصالة الحرف السعودية وتمنحها أفقًا دوليًا جديدًا، بإشراف وتنظيم كلٍ من د. عبير الفيفي، د. سلوى الميمان، ود. أمل شعيب.
وقد التقت «الثقافية» بعددٍ من الطالبات المشاركات في المعرض، للحديث عن أهداف التجربة، وتحدياتها، وأثرها في المشهد الثقافي السعودي.
الترجمة جسْر للحوار الحضاري
في مستهل اللقاء، قالت لـ”الثقافية” سارة عبدالرحمن العمري من المسار الإنجليزي:
“هدفنا أن ننقل صورًا من الثقافة السعودية الغنية بمكوناتها إلى شعوب العالم، وأن نُعرّف الآخرين بخصوصية الحرف المحلية وقيمتها الفنية والثقافية. فالترجمة ليست كلماتٍ فحسب، بل وسيلة للتبادل الحضاري وتعزيز مكانة المملكة كمركزٍ للإبداع.”
ومن جانبها أوضحت لـ”الثقافية” رهام بدر الجهني )المسار الإنجليزي(
“كنت أود أن أُعرّف العالم على جمال ما كانت تصنعه جدتي بيديها. النقاب والفستان والعمامة التراثية ليست مجرد أقمشة، بل قصص وهوية وتاريخ. وحين نترجمها، نمنح الآخرين فرصة لفهم أعمق لتراثنا.”
كما بيّنت لـ”الثقافية” أمل فيصل أحمد من المسار الصيني أن:
“الترجمة وسيلة لإبراز جمال الحرف السعودية ونقل قيمها التاريخية والثقافية لجمهور عالمي، حتى يقدّر غير الناطقين بالعربية أصالتها وأهميتها.”
تحديات ترجمة الرموز والمفردات التراثية
وحول أبرز الصعوبات، قالت لـ”الثقافية” سارة العمري:
“من أكبر العقبات التي واجهتنا غياب المكافئ الدقيق لبعض المصطلحات التراثية في اللغات الأخرى، وصعوبة شرح الرموز والدلالات التي يعرفها أهل المنطقة بالفطرة، والخوف من أن تختزل الترجمة عمقها الثقافي.”
وأشارت لـ«الثقافية» أمل فيصل أحمد ونورا الحربي من المسارين الصيني والفرنسي إلى أن:
“صعوبة إيجاد مقابل دقيق للمصطلحات والرموز المحلية كانت من أكبر التحديات التي واجهتنا خلال العمل.”
الترجمة بوابة عبور الحرف السعودية إلى العالم
وعن دور الترجمة في تعزيز حضور الحرف السعودية عالميًا، أكّدت لـ”الثقافية” سارة العمري:
“الترجمة تجعل الحرف السعودية حاضرة في المعارض الدولية والمنصات الرقمية، مما يفتح آفاقًا جديدة للحرفيين المحليين.”
وقالت لـ”الثقافية”رهام الجهني:
“حين يفهم الآخرون رمزية الحرفة وأهميتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، يزداد تقديرهم لتراثنا وأصالتنا.”
اختيار الحرف المترجمة
وفي محور آخر، قالت لـ”لثقافية”سارة العمري:
“اخترنا حرفة حياكة الأزياء السعودية لأنها أصبحت رمزًا ثقافيًا حاضرًا في المحافل الرسمية داخل المملكة وخارجها، مثل ظهور الزي العسيري في الأوركسترا بباريس.”
وأضافت لـ”الثقافية”أمل فيصل ولجين سمرقندي:
“ركزنا على الحرف الأشهر والأكثر تمثيلًا للهوية السعودية، والتي يمكن تقديمها بشكل جذّاب للجمهور العالمي.”
وأكدت لـ”الثقافية” طيف الحربي وسارة مجلد:
“حرصنا على أن تكون الصورة النهائية شاملة ومعبّرة عن جميع مناطق المملكة.”
أثر ثقافي متجدد
وفي ختام اللقاء، أكّدت لـ«الثقافية» سارة العمري أن “المبادرة تعزز وعي المجتمع بقيمة الحرف كجزء من الهوية الوطنية، وتربط الماضي بالحاضر.”
جاءت هذه الكلمات لـ«الثقافية» من الطالبات المشاركات في المعرض، اللواتي عبّرن عن فخرهن بالمساهمة في مشروع ثقافي يربط بين الترجمة والتراث الوطني، ويجعل من الحرف اليدوية السعودية لغة عالمية تُروى عبر الثقافات.
وأكدن أن المعرض لم يكن مجرد نشاط جامعي، بل تجربة معرفية تُجسد رؤية المملكة 2030 في تمكين الثقافة بوصفها جسرًا للتواصل الإنساني، وأن مبادرة “عام الحرف اليدوية” تُعد خطوة نوعية نحو تعزيز الهوية الوطنية في سياق عالمي متجدد.