رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، حفل ملتقى “مآثر الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله- وجهوده في المسجد النبوي”، الذي أُقيم في مقر غرفة المدينة المنورة، بحضور عددٍ من أصحاب الفضيلة أعضاء هيئة كبار العلماء.

واطّلع سموه خلال زيارته للمعرض المصاحب للملتقى على الأجنحة المشاركة، التي تضمّنت صورًا تاريخية توثّق سيرة ومسيرة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله-، إلى جانب شاشة عرض خُصصت للأفلام والمواد المرئية التي تناولت سيرته العطرة، ومقاطع من خطبه وتلاواته، بالإضافة إلى ركنٍ لمدرسة الشيخ ابن صالح الابتدائية.

واستُهل الحفل بعرضٍ مرئي تناول أبرز محطات حياة الشيخ عبدالعزيز بن صالح -رحمه الله-، أعقبه كلمة لأبناء الشيخ ألقاها نيابةً عنهم الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن صالح، عبّر فيها عن بالغ الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز على رعايته وتشريفه الملتقى، مؤكدًا أن هذه الرعاية أضفت عليه قيمة خاصة وأهمية كبيرة.
كما رفع شكره لمعالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، الرئيس العام للشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وفريق العمل برئاسة الدكتور محمد بن أحمد الخضيري، نظير جهودهم المخلصة في تنظيم الملتقى وإبرازه بهذه الصورة المشرفة.

وأشار الدكتور عبدالرحمن بن صالح إلى أن انتقال الشيخ عبدالعزيز بن صالح إلى المدينة المنورة للعمل في القضاء كان بداية ارتباطه الوثيق بالمسجد النبوي الشريف، حيث تولّى التدريس والإمامة والخطابة فيه، وتميّز بصوته الندي وبلاغته المؤثرة، وحرصه على توجيه الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، محافظًا على مكانة المسجد النبوي وآدابه قرابة نصف قرن.
وأضاف أن الشيخ -رحمه الله- عُرف بعدله وحكمته في عمله القضائي، إذ شغل مناصب رفيعة منها رئاسة المحكمة، وعضوية مجلس القضاء الأعلى، وهيئة كبار العلماء، وكان مثالًا في الرحمة والتواضع والورع، حريصًا على مصالح الناس، لا يحمل في قلبه حقدًا على أحد، كثير الذكر وتلاوة القرآن، محبوبًا من الجميع ومن قيادات الدولة على مرّ العهود.
واختتم كلمته بالتأكيد أن هذا الملتقى يُجسّد الوفاء والعرفان لعالم جليل خدم الدين والعلم والمسجد النبوي بإخلاص، سائلًا الله أن يجزي ولاة الأمر وراعي الملتقى ومعالي الرئيس العام والقائمين عليه خير الجزاء، وأن يجعل هذا العمل في موازين حسناتهم، داعيًا بالرحمة للشيخ عبدالعزيز بن صالح وسائر العلماء.

بعد ذلك، دشّن سمو الأمير سلمان بن سلطان “موسوعة تراث الشيخ عبدالعزيز بن صالح”، التي تضمّنت طباعة خطب سماحته، والمصحف الصوتي المسجّل بصوته، والمؤلفات التي تناولت سيرته ومسيرته، إلى جانب الأبحاث العلمية المقدّمة في الملتقى، وجميع ما كُتب عنه في الصحف والمجلات.
عقب ذلك، ألقى معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، كلمةً رحّب فيها بسمو أمير المنطقة، مشيدًا برعايته لهذا الملتقى المبارك الذي يجسد عناية القيادة الرشيدة بالعلم والعلماء، وتقدير جهودهم في خدمة الحرمين الشريفين والعلم والدعوة إلى الله تعالى.
وأكد معاليه أن الأمم تُخلّد تاريخها برعايتها لعلمائها وأعلامها، مشيرًا إلى أن من مقاصد الشريعة حفظ مكانة العلماء الذين نذروا حياتهم لخدمة الدين ونشر العلم، مبيّنًا أن رعاية سمو أمير المنطقة تعكس النهج الثابت للمملكة في دعم العلم وأهله منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
ونوّه معاليه بأن الملتقى يضم تسع جلسات علمية وخمسًا وثلاثين ورقة عمل، تمثل ثروة معرفية توثّق مسيرة الشيخ عبدالعزيز بن صالح وجهوده في خدمة الحرمين الشريفين، متطلعًا إلى أن تسفر جلسات الملتقى عن توصياتٍ علمية نافعة تُسهم في خدمة مسيرة العلم بالمدينة المنورة.
وفي ختام كلمته، رفع معاليه الشكر لله تعالى، ثم لسمو أمير المنطقة على رعايته وتشريفه، ولأسرة آل صالح الكرام على إسهامهم في إنجاح الملتقى، مقدّرًا جهود فريق رئاسة الشؤون الدينية بفرع المدينة المنورة برئاسة الدكتور محمد الخضيري في تنظيم الملتقى بما يليق بمكانة الشيخ الراحل.
كما رعى سمو الأمير سلمان بن سلطان توقيع اتفاقية تعاون بين رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين ومركز بحوث ودراسات المدينة المنورة؛ بهدف تعزيز التعاون بين الجهتين في المجالات العلمية والبحثية، وتبادل المعلومات، وتنظيم الندوات والملتقيات المشتركة.

وفي ختام الحفل، كرّم سمو أمير منطقة المدينة المنورة الرعاةَ ورؤساءَ الجلسات المشاركين في الملتقى.