شهدت سماء الحدود الشمالية اليوم ظهور نجم سهيل اليماني، الذي ارتبط منذ القدم بثقافة العرب وبشائر الخير، معلنًا بداية انكسار شدة الحر، واعتدال درجات الحرارة التي تواصل انخفاضها تدريجيًا حتى موعد تساوي الليل بالنهار.
ويُعد ظهور “سهيل” حدثًا موسميًا مهمًا في حياة العرب، إذ كانوا يتفاءلون بطلوعه لاقترانه ببداية موسم الأمطار، وانتعاش الأرض، وتبدل الفصول، وأطلقوا عليه عدة مسميات منها: البشير اليماني، ونجم اليمن، وسهيل اليماني.
وأوضح لـ”واس” عضو جمعية “آفاق” لعلوم الفلك برجس الفليح أن “سهيل” أو “كانوبس” في التسمية العالمية هو ثاني ألمع نجم في السماء بعد “الشعرى اليمانية”، ويبعد عن الأرض نحو 313 سنة ضوئية، وينتمي إلى كوكبة القاعدة الجنوبية، ويُستدل به على الاتجاه الجنوبي؛ لذلك ارتبط اسمه بالركن اليماني في الكعبة المشرفة، ويُبزغ “سهيل” في الخليج العربي عادةً قبيل شروق شمس الرابع والعشرين من أغسطس، فيما يظهر في شمال المملكة بشكل واضح يوم الثامن من سبتمبر، ومع طلوعه تهب رياح لطيفة تُعرف بـ”هبايب سهيل”، وتتشكّل سحب موسمية يطلق عليها “الروائح” التي تسبق أمطار الوسم، وعبّرت العرب قديمًا عن أثره بالقول: “إذا طلع سهيل برد الليل”.
يمتد موسم “سهيل” إلى 52 يومًا، وينقسم إلى أربعة منازل: الطرفة: مدتها 13 يومًا، ويصبح الطقس خلالها لطيفًا ليلًا مع بقاء حرارة النهار، والجبهة: تستمر 14 يومًا، ويزداد فيها اعتدال النهار وبرودة الليل، والزبرة: تمتد 13 يومًا، وتزداد فيها برودة الليل بشكل أوضح، والصرفة: آخر منازله ومدتها 13 يومًا، وسُميت لانصراف الحر عند طلوعها.
واعتمد العرب منذ القدم على مطالع النجوم لتقسيم السنة، حيث تُعرف بداية من طلوع “سهيل” بما يسمى السنة السهيلية، المكونة من 14 موسمًا متتابعًا هي: (سهيل – الوسم – المربعانية – الشبط – العقارب – الحميم – الذرعان – الكنة – الثريا – التويبع – الجوزاء الأولى – الجوزاء الثانية – المرزم – الكليبين).
ويظل “سهيل” رمزًا شعبيًا وفلكيًا بارزًا في الجزيرة العربية، يجمع بين العلم والثقافة الشعبية، ويُحيي في ذاكرة العرب موروثًا شعريًا وأدبيًا ارتبط بترقب الناس لطلوعه على مر العصور.
نجم “سهيل اليماني” يزيّن سماء الحدود الشمالية

9