يمثل الطريق البري الذي يربط المملكة العربية السعودية بسلطنة عمان عبر منطقة الربع الخالي إنجازًا هندسيًّا فريدًا وشريانًا اقتصاديًّا حيويًّا، يسهم في تعزيز أواصر التعاون والشراكة بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات.
هذا المنفذ الحدودي البري لا يقتصر دوره على تسهيل حركة التبادل التجاري وتنقل السياح فحسب، بل يمتد ليشمل تيسير وصول ضيوف الرحمن إلى المشاعر المقدسة؛ مما يؤكد أهميته الإستراتيجية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ونُفذ الطريق الرابط بين الدولتين الممتد لمسافة (564) كم من تقاطع البطحاء حرض حتى منفذ الربع الخالي، ويعد أعجوبة هندسية بكل المقاييس, وبلغت التكاليف الإجمالية للمشروع بما يقارب ملياري ريال سعودي، وهو ما يعكس حجم التحديات التي واجهت تنفيذه نظرًا لصعوبة التضاريس القاسية والظروف المناخية القاسية في منطقة الربع الخالي.
وتطلب إنجاز هذا المشروع الضخم أكثر من (3.3) ملايين ساعة عمل، واستخدام (750) معدة ثقيلة واُختيرت بعناية لتلائم جغرافية الصحراء الواقعة في الربع الخالي, وبلغت كمية الرمال المزاحة (150) مليون م3، ومواد حماية الرمال (12) مليون م3، ووصلت كمية طبقات الإسفلت المستخدمة إلى مليون م3, وزُوّدت الطريق بجميع وسائل السلامة المرورية اللازمة، مع إنارة الجزء الأخير منه بطول (30) كم لتسهيل حركة مستخدمي الطريق وضمان سلامتهم.
ونُفذ المشروع على مرحلتين رئيستين: المرحلة الأولى امتدت بطول (319) كم، بدءًا من نقطة تبعد حوالي (25) كم من منفذ البطحاء وصولًا إلى حقل شيبة, أما المرحلة الثانية شملت مسافة (246) كم، بدءًا من حقل شيبة حتى منفذ الربع الخالي على الحدود العمانية.
ولضمان أعلى مستويات السلامة المرورية، وُّفِرت جميع أدوات السلامة على طول الطريق, ووُضعت الدهانات الأرضية بكمية بلغت حوالي (12) مليون م3، إضافة إلى تركيب (140) ألف وحدة من عواكس الطريق (عيون القطط) لتوفير رؤية ليلية مثالية للمسافرين, ووُضعت الإشارات التحذيرية والإرشادية على طول الطريق، وزيادة عوامل السلامة لعبور المشاة, ولم يغفل المشروع توفير المواقف الجانبية للشاحنات والسيارات على جانبي الطريق، مع تصميم يضمن دخولًا وخروجًا آمنًا وسليمًا، وتوفير (8) مواقف جانبية، بمسافة (25) كم بين كل موقف وآخر على الجانبين الأيمن والأيسر من الطريق.
ويُعد مشروع الطريق المؤدي على المنفذ الحدودي بين المملكة وسلطنة عمان الشقيقة، من المشاريع الإستراتيجية والحيوية المهمة بين البلدين، التي ستسهم في تعزيز التعاون والشراكة في عدد من القطاعات التنموية والاقتصادية، التي ستعود بالنفع على المملكة والسلطنة, ويسعى هذا المشروع لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي تسعى إلى ترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزًا لوجستيًا عالميًا، وسيسهم في تحسين الربط المحلي والإقليمي والدولي لشبكات التجارة والنقل، إضافةً إلى إسهامه في تمكين تحقيق أهداف عدد من القطاعات الوطنية، مثل قطاع الحج والعمرة, وقطاع السياحة؛ مما يعزز من مكانة المملكة وجهةً عالمية في مختلف المجالات.

يُذكر أن الهيئة العامة للطرق تُشرف وتنظم قطاع الطرق في المملكة من خلال وضع السياسات والتشريعات اللازمة، وتعمل الهيئة على تحقيق مستهدفات برنامج قطاع الطرق الذي يرتكز على السلامة والجودة والكثافة المرورية، وتسعى للوصول بالمملكة إلى المؤشر السادس عالميًا في جودة الطرق بحلول عام 2030.