أطلقت هيئة المتاحف اليوم المرحلة الأولى من المعرض التفاعلي المتنقّل «روايتنا السعودية: نافذة على المتاحف»، في تجربة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في المملكة لعرض مقتنيات المتاحف الإقليمية بلغة تقنية حديثة. وقد استهل المعرض مساره من مدينة بريدة في منطقة القصيم، متزامناً مع فعاليات «كرنفال بريدة للتمور»، ليستمر حتى الثالث عشر من الشهر نفسه، مقدّماً للجمهور رحلة حسية وبصرية وسمعية غير تقليدية.
ويعتبر اسم: روايتنا السعودية، شعاراً للمتاحف الإقليمية التي تعمل الهيئة لافتتاحها على مراحل خلال الأعوام القريبة القادمة، لتكون هذه المتاحف الإحدى عشر في مجملها تحكي رواية الإرث الثقافي والحضاري للمناطق في السعودية، وكل متحف هو قصة من هذه الرواية التي نفخر بها.
وقد افتتح المعرض بحضور كبار الشخصيات، وعدداً من الزوّار الذين وجدوا في التجربة مزيجاً يجمع بين الأصالة والابتكار، حيث عُرضت إحدى عشرة قطعة أثرية مختارة من مقتنيات المتاحف السعودية بعد إعادة صياغتها رقمياً، لتُقدّم عبر تقنيات التصميم الحركي والمؤثرات الصوتية في فضاء يتيح للزائر التفاعل المباشر مع التراث الوطني.
وأشارت هيئة المتاحف إلى أن تنظيم هذا المعرض جاء في إطار جهودها لإتاحة تجارب ثقافية عصرية تُعزز الوعي المجتمعي بالتراث، وتؤكد قدرة التقنية على حفظ الهوية الوطنية وتقديمها للأجيال الجديدة بلغة قريبة من ذائقتها، مع فتح أبواب الدخول بشكل مجاني لتشجيع المشاركة الأوسع لمختلف فئات المجتمع.
وقد شكّل تزامن المعرض مع «كرنفال بريدة للتمور» قيمة مضافة، إذ يُعد الكرنفال وفق تصنيف موسوعة «غينيس» أضخم حدث عالمي في تسويق التمور، ويجمع بين النشاط التجاري والحراك الاقتصادي والبعد الاجتماعي، مما وفر للمعرض حاضنة جماهيرية استثنائية جمعت بين الثقافة والتراث الزراعي، ورسّخت حضور القصيم كمنطقة ثرية بإرثها الشعبي والزراعي.
ووُصف المعرض من هيئة المتاحف بأنه «جسر يصل الماضي بالحاضر والمستقبل»، بما أتاحه من تجربة تفاعلية أعادت تعريف دور المتاحف الوطنية باعتبارها منصات حية لا تقتصر على العرض التقليدي، بل تنفتح على آفاق جديدة من التفاعل الحسي والمعرفي.
ويأتي هذا المعرض ضمن خطط هيئة المتاحف التي تتسق مع استراتيجية قطاع المتاحف المنبثقة من رؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى جعل المتاحف فضاءات ديناميكية فاعلة في الحراك الثقافي والاجتماعي، وتعزيز إسهامها في التنمية الوطنية. كما يعكس المعرض توجه الهيئة إلى دعم الابتكار في طرق العرض، وربط الموروث الوطني بمنصات تقنية حديثة تسهّل وصوله إلى فئات المجتمع كافة، وتوسّع من قاعدة التفاعل مع التراث المادي والمعنوي.
ومن المقرر أن يتنقّل المعرض بعد محطته الأولى في القصيم إلى كل من الرياض، نجران، ثم جدة، حاملاً في كل محطة صياغة جديدة للتجربة تراعي خصوصية المكان وتنوّع المقتنيات، ليؤكد أن رواية التاريخ السعودي ليست ثابتة، بل متجددة وقابلة لإعادة الاكتشاف عبر أدوات معاصرة. وتطمح هيئة المتاحف من خلال هذه الجولة إلى توسيع حضور المتاحف الإقليمية وتعزيز مكانتها، وإبراز تنوع الإرث الثقافي الذي تزخر به مختلف مناطق المملكة.