اختتم معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، في العاصمة الماليزية “كوالالمبور”، أعمال الملتقى العالمي للتصديق على الإجازات القرآنية وتكريم قُرّاء دُول “آسيان”، بحضور معالي الوزير برئاسة الوزراء الماليزية مسؤول الملف الديني السيناتور الدكتور داتو سري محمد نعيم بن محمد مختار، ومعالي إمام وخطيب المسجد الحرام رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، في سياق حضور معاليه لملتقى الفقهاء الأول، وعدد من كبار علماء دُول “آسيان”، وبمشاركة نخبة من العلماء والمتخصّصين في علوم القرآن الكريم والإقراء، والآلاف من الحُفَّاظ والحافظات للقرآن الكريم في دول جنوب شرق آسيا.

وهدف الملتقى الأَول من نوعه، الذي يأتي في سياق الجهود العالمية للرابطة في خدمة القرآن الكريم، إلى دراسة بعض الفَوَات في تدقيق بعض الإجازات القرآنية، ومعالجة عدد من حالات المنح لغير المُتقِنين والضابِطِين حيث تتضح الثغرات في هذا فور قراءاتهم المعلنة، جاء ذلك على إثر ضعف حَوْكَمة بعض الإجازات، كما يهدف الملتقى إلى تحقيق التعاون والتكامل بين المؤسّسات والمراكز المتخصّصة في مراجعة الإجازات والتصديق عليها، وتبادُل الخبرات فيما بينهم.

وفي كلمته خلال الحفل، أكّد الشيخ العيسى أنَّ الرابطة وهي تُطلق هذا الملتقى العالمي للتصديق على الإجازات القرآنية وتكريم قُرّاء دول “آسيان”، إنما تقوم بواجبها على ضوء رسالتها ومهامها الإسلامية.

وأوضح أنَّ هذه الإجازة تَتْبعُها شهادة تصديق تُحقِّق وتُدقِّق، مبيّنًا أنَّ معايير وكالة خدمة الكتاب والسنّة في الرابطة عالية، وتستمدُّ دقّتها ومراجعاتها من المجلس العالمي لشيوخ الإقراء، الذي يُعد أول مجلس من نوعه، ومن أعضائه كبار القُرّاء في العالم الإسلامي.
وشدَّد معاليه على أنَّ القرآن الكريم أنزله الله عز وجل للتدبُّر والعمل مع أهمية حفظه يقول الله تعالى: “كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب”، لافتًا الأنظار إلى أنَّ وكالة الكتاب والسنّة تَحرص على هذا الأمر، وتَعمل عليه من خلال اختيار علماء متخصصين للاضطلاع بمسؤولية تعليم القرآن الكريم بمعانيه كافة ولاسيما التحلي بآدابه.

من جانبه أشاد الدكتور محمد بن مختار بجهود الرابطة في إنجاح هذا الملتقى، مُعرِبًا عن شُكره وامتنانه لأمانة الرابطة، نظيرَ التزامها بتعزيز أواصر الأخوّة بين ماليزيا والعالم الإسلامي، وسعْيها في دعْم وحدة الأمّة.
وأوضح أنَّ أهمية هذا الملتقى تكمُن في الجمْع بين التراث الإسنادي القديم والمنهجيات التربوية المعاصرة، لنضمَن أنَّ الطلاب لا يُتقِنون القرآن فحسب، بل يتحلّون بالأخلاق النبيلة والمسؤولية الاجتماعية.

من جهته أعرب الشيخ بن حميد عن سعادته بهذا الجمع الكبير والبهيج من أبناء دول آسيا من حُفَّاظ كتاب الله عزَّ وجل، مبيّنًا أنَّ هذا ممَّا يُفرح قلب كلّ مسلم، وهو مصداقٌ لقوله عزَّ شأنه: ((إنَّا نحن نزَّلنا الذكر وإنَّا له لحافظون))، موصيًا حفَّاظ القرآن الكريم بتمثُّل كتاب الله عز وجل في حياتهم حتى يكونوا قدوات.
وخلال الملتقى، دشَّن معالي الأمين العام للرابطة، الشهادة العالميّة للتصديق على الإجازات القرآنية، بهدَف رفع مستوى الاعتماد والموثوقية للإجازات القرآنية، وحِفْظ مكانة حملة كتاب الله تعالى عَبر منهجية دقيقة وآليّة محكمة.

وشهد معاليه مراسم منح الشهادة في نُسختها الأُولى لعشرةٍ من الحُفّاظ المجازين الذين استوفَوا معايير المراجعة والتدقيق في أسانيدهم القرآنية, كذلك تكريم عددٍ من كبار قُرّاء القرآن الكريم في دول “آسيان”، تقديرًا لدورهم الريادي في نشر القرآن الكريم وتعليمه، وإسهاماتهم في بناء أجيال قرآنية راسخة على منهج الوسطية والاعتدال.
وشهد أيضًا تخريج مجموعة جديدة من الحُفّاظ والحافظات ممّن حصلوا على الإجازة القرآنية بالسَّنَد المتّصل إلى أئمّة الإقراء من السَّلف، عَبْر المقرأة التقنية العالمية لرابطة العالم الإسلامي، والدفعة الجديدة من خرّيجي معهد تحفيظ القرآن والقراءات بالمؤسسة الإسلامية في ماليزيا التابع لرابطة العالم الإسلامي.
وخلال الحفل شاهَدَ الحضورُ عرضًا مرئيًا عن إنجازات الرابطة ومبادراتها ومشاريعها لخدمة القرآن الكريم والسنّة النبوية.
كما شاهَدوا الفيلم الوثائقي “رحْلة مُجاز” الذي يوثّق رحْلة أحَد حافظي كتاب الله منذ التحاقِه بالمقرأة التقنية العالمية إلى حصوله على الإجازة القرآنية وشهادة التصديق عليه.

ثم صدر عن الملتقى عددٌ من التوصيات المهمّة المتعلقة بموضوعه، بما في ذلك أهمية توثيق الإجازات القرآنية وفق ضوابط علمية دقيقة، وتعزيز مفهوم الإجازة لدى المقرئ والمجاز، وبيان المنهج الأمثل في منْح الإجازة.