التراجع السكاني يحفّز تطوير الروبوتات التاكسي في اليابان

تكثّف اليابان الجهود لتطوير الحافلات المستقلّة والروبوتات التاكسي إدراكا منها لصعوبات التنقّل التي يواجهها كبار السنّ المتزايد عددهم في البلد، غير أن حادثا وقع خلال الألعاب البارالمبية في نهاية آب/أغسطس ذكّر بأن الطريق ما زال طويلا في هذا المجال.

يحذّر صوت نسائي من أن الأبواب ستغلق بعدما ضغط الراكب على كبسة الانطلاق.

وتنطلق السيارة لوحدها وهي تسير بسلاسة وحذر تحت المطر في حيّ الأعمال ميناتو ميراي في يوكوهاما “جنوب غرب طوكيو”.

ومنذ العام 2018، تجرّب “نيسان” هذا الروبوت التاكسي الذي يحمل اسم “إيزي رايد” مع مشغّل يعمل بخفر على متنه للتدخّل في حالات الطوارئ.

وكانت الشركة اليابانية تعتزم في بادئ الأمر إطلاق هذه الخدمة في مطلع العام 2020، لكنها باتت اليوم أكثر تحفّظا في شأن الموعد.

وقال كازوهيرو دوي نائب رئيس “نيسان” المكلّف بالأبحاث إن “المجتمع لا يتقبّل بعد على نطاق واسع هذا النوع من المركبات.

فقليلون هم الذين جرّبوها والمسألة صعبة فعلا بلا تجربة.ولا شكّ في أن الأمر سيستغرق وقتا”.

غير أن اليابان تسابق الزمن في ظلّ تراجع عدد سكانها وقد بات 29 % منهم في الخامسة والستين وما فوق، وهو معدّل قياسي على صعيد العالم.كما أن معدّل الخصوبة فيها منخفض جدّا.

وأعربت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة “ميتي” في تقرير حديث عن قلقها من تداعيات هذا الوضع على شبكة المواصلات، في ظل نقص “حادّ” في اليد العاملة في هذا المجال وحوادث مرورية مردّها تقدّم السائقين في السنّ وانعزال متزايد للمسنّين.

تحفيزات حكومية 

وتشتدّ وطأة التراجع الديموغرافي “خصوصا في المناطق الريفية”، على ما كشف دوي.وتتيح السيارات المستقلّة “توفير بديل للتنقّل للكبار في السن”.

وتحرص السلطات على تيسير الظروف المؤاتية لهذا النوع من التجارب في البلد.وتنصّ خطّة جديدة للوزارة على تجارب لروبوتات تاكسي متقدّمة في حوالى أربعين موقعا في أنحاء الأرخبيل كافة بحلول 2025.وباتت اليابان سنة 2020 أوّل بلد في العالم يسمح باعتماد نظام قيادة مستقلّة من المستوى الثالث على الطرق العامة هو مدمج في مركبات من صنع “هوندا”.

ويتيح هذا المستوى التخلّي بالكامل عن القيادة في حالات محدّدة سلفا، مثل الازدحامات المرورية.لكنه مستوى استقلالية متوسّط من المحتمل أن يكون خطرا.وينبغي للسائق أن يبقى متيقّظا إذ قد تطلب منه الآلة تولّي القيادة في أيّ وقت.

ولم تصنّع “هوندا” سوى مئة نموذج من السيارات المجهّزة بهذا النظام.

                                                                    مختبر بحجم مدينة 

أما “تويوتا”، فهي ترسي في اليابان أسس مشروعها الأكثر طموحا في هذا المجال.

فعند سفح جبل فوجي، وضعت المجموعة الأولى عالميا في صناعة السيارات حجر الزاوية لمشروع “ووفن سيتي” “المدينة المنسوجة” وهو مختبر على شاكلة مدينة موصول بأحدث التقنيات من المرتقب أن يقيم فيه بعد بضع سنوات باحثون ومهندسون من العالم أجمع لتجربة حلول في هذا الخصوص وتطويرها.

وتنوي “تويوتا” تسيير مركباتها المستقلّة “إي-باليت” التي استُخدمت هذا الصيف في المجمّع الأولمبي والبارالمبي في طوكيو.

غير أن هذه التجربة منيَت بانتكاسة قويّة بعدما اصطدمت إحدى المركبات بمصارع جودو يعاني ضعفَ بصر أصيب بجروح طفيفة.

وقد توقّفت المركبة عندما اقترب الرياضي منها لكنها انطلقت مجدّدا في مسارها، إذ ظنّ المشغّل في داخلها أن الرياضي رأى السيارة.

وقال كريستوفر ريشتر المحلّل لدى “سي ال اس ايه” في تصريحات لوكالة فرانس برس إن “أكثر ما يفاجئنا هو أن هذه الضربة وقعت في بيئة محكمة تشكّل موقعا مثاليا لتسيير هذه المركبات”.

واستبعد ريشتر أن تستخدم المركبات المستقلّة على نطاق واسع في العالم قبل “عقد من الزمن”.

وأكّد دوي أن “التكنولوجيات ليست متطوّرة بما فيه الكفاية”، متطرّقا إلى التحدّيات المطروحة في المناطق الضيّقة أو المكتظّة.