أصدرت وحدة الاستخبارات الاقتصادية، التابعة لمجموعة الإيكونوميست، يوم الخميس الموافق للسادس من مايو الجاري، نتائج دراسة متعمقة أعدتها بتكليف من مايكروسوفت، حول تطور العلاقة بين التكنولوجيا والأعمال والناس خلال جائحة كورونا ((COVID-19، عبر استطلاع آراء قادة الأعمال في ثماني صناعات متميزة، وأخذ ومرئياتهم حيال كيفية تحول المبادرات الرقمية إلى واقع جديد.
وأظهرت الدراسة الجديدة، أن “التأهب الرقمي” ساعد المنظمات والقطاعات المختلفة على التكيف سريعًا مع المتغيرات التي أحدثتها الجائحة العام الماضي، كما بحثت على وجه التحديد في “سلاسل التوريد”، و”العمل عن بعد”، و”التحليلات التنبؤية”، و”اتخاذ القرارات”، وسلامة الموظفين وصحتهم الجسدية والنفسية.
وذكرت رئيس التحول التقني لدى مايكروسوفت العربية، زينب الأمين، أن الأدوات الرقمية المختلفة من مايكروسوفت، أثبتت فاعليتها على مستوى القطاعات والأفراد والمجتمع عمومًا، بل وكان لها دور كبير في مواجهة التداعيات الناشئة عن الجائحة، وأوضحت أن نتائج الدراسة في مجمل الصناعات، بلورت مفهومًا مهمًا وهو قدرة التكنولوجيا الرقمية الكبيرة في تعزيز الكفاءات الإنتاجية والتشغيلية وزيادة مرونة الأعمال التجارية واستدامتها وعدم انقطاعها تحت أي ظرف كان. واضافت: ” أن المنظمات الأكثر استعدادا لتبني التقنية هم الأكثر نجاحا”.
وقال مايكل غولد، مدير التحرير في وحدة الاستخبارات الاقتصادية لمجموعة الايكونمست:”أظهر وباء كوفيد-19 مدى أهمية الأدوات الرقمية بالنسبة للشركات من حيث سرعة التكيف والاستجابة السريعة لمواجهة الاضطرابات الكبيرة، كما أظهرت الدراسة أيضًا أن الأمر لا يتعلق فقط بمسار عملها، بل في تعزيز قناعتها بدور التحول الرقمي في سد فجوة المهارات الرقمية بين الموظفين، وخدمة عملاءها”.
وربط الباحثون بين نضج المؤسسات الرقمي، وقدرتها على مواجهة وتجاوز الاضطرابات غير المسبوقة، وتوصلوا إلى “معادلة طردية” وهي أنه “كلما زادت قوة الشركات في التحول الرقمي، كانت استجابتها وتكيفها مع الأحداث المفاجئة، واستعادة العمليات وخدمة العملاء أسرع مقارنة بغيرها”.
مسارات التأثيرات المجتمعية:
ووفقًا للنتائج ارتفعت نسبة آراء المشاركين في الاستطلاع حيال ضرورة التكنولوجيا للموظفين من 24 % إلى 36% في عصر كوفيد-19، بزيادة عشر نقاط مئوية خاصة في مجالات “التصنيع، والخدمات المالية، والبيع بالتجزئة والتعليم”، وذكرت معظم الشركات أن الوباء سلط الضوء على الحاجة إلى المساهمة بشكل أقوى في النتائج الاجتماعية بنسبة 75%، مؤكدين أن التحول الرقمي يجب أن يتجاوز نجاح الأعمال لدعم التحسينات المجتمعية، كـ “خلق القوى العاملة الأكثر شمولًا” ومعالجة “آثار الكربون” ومواجهة “تحديات التغير المناخي”.
تسارع الاستثمارات التكنولوجي:
أصبحت الأدوات الرقمية خاصة بعد الوباء أمرًا لا غنى عنه في جميع الصناعات، وأفاد أولئك الذين لديهم تجارب رقمية متميزة، أنها ساعدتهم كثيرًا في تسهيل العمل عن بعد، ودعم الأدوار الموزعة، واستعادة سلاسل التوريد المعطلة، والتعامل مع العملاء بطرق جديدة.
وعلى الرغم من أن التحول الرقمي مكن من استمرارية الأعمال، إلا أن الدراسة كشفت عن ثغرات في المهارات والخصوصية والأمن والامتثال مع تطبيق المنظمات للتكنولوجيات الجديدة، لذلك عجلت المنظمات بمبادرات التحول الرقمي، وبدأت تعتمد بشكل أكبر على أدواتها، واحتلت التكنولوجيا السحابية ذلك بنسبة 50%، وأكد قادة الأعمال أنها لعبت دورًا حاسما في استدامة وتطور عملياتها خلال الجائحة، وتلتها الممكنات الرقمية لتيسير “العمل عن بُعد” بنسبة 40%، والذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بـ 33%، فيما حصد إنترنت الأشياء على 31%.
تأثير الجائحة على الصناعات:
ولأن كل صناعة تعمل بشكل مختلف، فقد كشف الوباء عن الثغرات الرقمية بطرق مختلفة، وأعرب المتخصصون عمومًا عن قلقهم بشأن إمكانية الوصول والاندماج، وكانت النتائج على النحو التالي:
- كانت شركات صناعة السيارات أكثر ميلا لدور التحول الرقمي في مواجهة تحديات التغير المناخي، مؤكدين أهمية الدفع نحو الاستثمار في الأتمتة، وكفاءة العمليات، وتعزيز المهارات الرقمية بين القوى العاملة.
- استشهد قادة قطاع التعليم بأهمية التحول الرقمي في بناء المهارات والشمولية، إلا أنهم أبدوا قلقهم من نقص الأدوات الرقمية التي قد تخلق حاجزا أمام التقدم الرقمي، فضلا عن التطبيق المجزأ للأدوات التكنولوجية.
- كانت مؤسسات الخدمات المالية، الأكثر استعدادا رقميا لمواجهة تحديات الإغلاق الإقليمي، وتعطل سلسلة التوريدـ واحتمل قادة القطاع المشاركين في الاستطلاع أن يكون هذا القطاع الأكثر إنفاقًا، خاصة أن مرحلة الوباء سلطت الضوء على الميزة التنافسية للشركات المعدة رقميا.
- كان أمام القطاعات الحكومية وقت أقصر وأسهل للحصول على الميزانية للاستثمار في التكنولوجيات بمجرد وقوع الجائحة، كما أنها أعطت الأولوية عموما لأدوات تيسير العمل عن بعد والتعاون التشاركي، ومع ذلك، يعد سد الفجوات الرقمية بين المواهب الرقمية، والآثار السلبية المرتبطة بالتكنولوجيا الجديدة، يُشكلان حاجزًا أمام التحول الرقمي.
- اعتمد قطاع الرعاية الصحية اعتمادا كبيرا خلال فترة الوباء على التفاعل مع التحولات الرقمية، خاصة ما يتعلق بتجارب الموظفين والمرضى الافتراضية، ويمكن القول إن الجائحة أجبرت هذه الصناعة على زيادة الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية الصحية.
- وخلال مرحلة ما قبل الوباء عمل قطاع التصنيع بالفعل على سد فجوة المهارات الرقمية، وأشار قادة الأعمال فيه إلى أن التحول الرقمي سيساعد على التنوع والشمول وبناء المهارات ومواجهة تحديات التغير المناخي.
- وأبدى قادة الإعلام والاتصالات قلقهم إزاء مواكبة وتيرة التغير التكنولوجي، معتقدين أن التحول الرقمي سيسهم في مكافحة المعلومات المضللة والشائعات المغرضة.
- تفاءل قادة قطاع البيع بالتجزئة والسلع الاستهلاكية بالتحول الرقمي، مؤكدين أنه سيعزز من فرص العمل، والآثار المجتمعية الإيجابية للتحول إلى العمل الموزع والبعيد.