دام الحلم “الانشقاقي” 48 ساعة فقط وتحوّل الدوري السوبر الأوروبي إلى مشروع وُلِدَ ميتاً بعدما أعلنت الأندية الإنجليزية أمس انسحابها من مخططاته، ما دفع بالمؤسسين للتوجّه نحو “إعادة هيكلة”، لكن ذلك بات خارج الحسابات الآن بعدما انضم أتلتيكو مدريد وإنتر ميلان إلى لائحة المنسحبين ولم يبق من المؤسسين غير ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس وميلان.
وأقر رئيس يوفنتوس أندريا أنييلي بصعوبة المضي قدماً بالمشروع لكن مع إقرار رئيس “السيدة العجوز” أنييلي بأن المشروع لم يعد موجوداً من دون الأندية الإنجليزية حتى قبل قرار أتلتيكو وإنتر بالانسحاب، فذلك يعني أن الدوري السوبر بات من التاريخ قبل أن يولد.
وكان ردّ الفعل على المخطط قاسياً حيث هدّد السياسيون وسلطات كرة القدم باتخاذ إجراءات قانونية ضد ما يسمى بـ “الدزينة القذرة”، وصولاً إلى التهديد بحرمان الأندية من المشاركة في دوريات بلادها.
وكان مانشستر سيتي السبّاق في الانسحاب، وقال في بيان إنه “يمكن لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم أن يؤكّد أنه اتخذ رسمياً إجراءات الانسحاب من المجموعة التي تطور خطط الدوري السوبر الأوروبي”.
وأعرب رئيس الاتحاد الأوروبي السلوفيني ألكسندر تشيفيرين عن “سروره” لقرار سيتي وقال “يسعدني أن أرحب بعودة سيتي إلى أسرة كرة القدم الأوروبية”، مشيدا بـ”الذكاء الكبير” و”الشجاعة” لهذا الانسحاب.
وبعد البيانات الصادرة عن أرسنال وتشلسي وتوتنهام ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وليفربول، خرج رئيس الأخير بفيديو يعتذر فيه من جماهير “الحمر” بسبب الدور الذي لعبه في إطلاق الدوري السوبر.
وقال في مقطع فيديو نشره النادي في موقعه الرسمي إن المشروع كان سينجح فقط لو حظي بالدعم الكامل من الجمهور، وهذا الأمر لم يحصل بعدما أبدت جماهير الأندية الإنجليزية اعتراضها الشديد على البطولة.
والاعتذار إلى الجمهور كان أيضاَ في صلب بيان انسحاب أرسنال، قائلاً “بعد الاستماع إليكم وإلى مجتمع كرة القدم الأوسع خلال الأيام القليلة الماضية، فإننا ننسحب من الدوري السوبر المقترح لقد ارتكبنا خطأ ونعتذر عنه” وقال الاتحاد الإنجليزي في بيان إنه يرحب بخطوات الأندية للتخلي عن الدوري السوبر، مشيداً بالمشجعين على “صوتهم المؤثر والصريح”.
وبعيد انسحاب الأندية الإنجليزية، أعلنت منظمة “الدوري السوبر” في بيان أنها “ستعيد النظر في الخطوات الأنسب لإعادة هيكلة مشروع” المنافسة الرامي إلى مزاحمة دوري أبطال أوروبا، لكن موقف أنييلي، نقلاً عن مقربين منه، كان بمثابة رصاصة الرحمة بإقراره بأن المشروع لا يمكن أن يبصر النور بعد انسحاب الأندية الإنجليزية.
والتقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مع أندية الدوري واتحاد كرة القدم في انجلترا ومجموعات المشجعين، وتعهد ببذل كل ما في وسعه لقتل خطة الدوري السوبر وغرّد جونسون في وقت لاحق عبر تويتر، قبل تأكيد قرار تشلسي وسيتي، إن “قرار تشيلسي ومانشستر سيتي، هو القرار الصحيح تماماً وأنا أشيد بهما على ذلك”.
وبانتظار معرفة ما سيحصل لهذا المشروع، تضع هذه الحلقة الجنونية كرة القدم الأوروبية في مواجهة الخلافات الهائلة التي تُحرِكها، بين أندية غنية متلهفة للأرباح والمحافظة على مكانتها وسط أزمة اقتصادية ناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وعدم اليقين الرياضي.
والأسئلة المشروعة حالياً، هل سيعاقب المنشقون على التفكير بمثل هذه الثورة؟ هل سيتم الإبقاء على إصلاحات دوري أبطال أوروبا التي ستطبق اعتباراً من 2024 والتي تم اعتمادها الاثنين، مع أنها لا ترضي الجميع؟ كلها أسئلة سيتعين على الاتحاد الأوروبي التعامل معها، لكن في الوقت الراهن، يبدو ما حصل الثلاثاء والاربعاء وكأنه انتصار لكرة القدم الشعبية على كبار الرؤساء الأثرياء والمساهمين، “انتصار على الجشع” بحسب الصحف الإنجليزية.